Sports Media

Moustafa Mohamed - Investigative Journalism

Moustafa Mohamed - Investigative Journalism

الصحافة الاستقصائية.. الفريضة الغائبة في الصحافة العربية ( الأسباب والتداعيات ) 

دأب الحالمون من العاملين في مجال الصحافة و الإعلام على اطلاق تعبير« السلطة الرابعة » قاصدين به أن صاحبة الجلالة تشكل الركن الرابع « أدبياً » المكمل لأضلاع مؤسسات الحكم والإدارة الدستورية في أي دولة متحضرة ، وهي سلطة التشريع وسلطة القضاء والسلطة التنفيذية.

راجياً من خلال وضع الصحافة والإعلام في هذه المكانة المرموقة كأداة للرقابة المجتمعية الفاعلة، إلى توصيف رسالة مهنتهم التي من المفترض أن دورها يتخطى تعريفها الدارج الشامل:

بأنها وسيلة للإخبار بالأحداث ونقلها للناس باتساع الإقليم جغرافياً، مروراً بتشعب أدواتها ومنصاتها في تناول الأحداث عبر الكوكب في التو واللحظة .وصولاً إلى تأثيرها المباشر في تشكيل توجهات الرأي العام، وفي ممارسة دور رقابي يحتاجه المجتمع لكشف أي شبهة فساد بأنواعه في شتى ملفات الشأن العام والخاص، وفقاً لمرجعية مقيدة بالقانون ابتدأً، وبمعايير المهنية والموضوعية والاحترافية والشفافية .

ناهيك عن استخدام قوة الإعلام سلاح هجومي لفرض أجندات فكرية وتغيير للهوية، أو درع رادع للحماية من اختراق المنافسين سياسياً واقتصادياً ومجتمعياً، فيما يَطلق عليه البعض حروب الجيل الرابع والتي يُستخدم فيها المحتوى الإعلامي الم وجه.. رأس حربة في الصراع

قنبلة مولينا

أثارت القضايا التي فجرها الصحفي الاستقصائي الفرنسي رومان مولينا، حول خفايا صناعة كرة القدم في العالم، والتي أصبحت تشبه عمل «المافيا»، جدلاً واسعاً خاصة في الشارع الرياضي العربي

وذلك ليس فقط لحساسية الملفات التي فجرها مولينا، و ورود أسماء شخصيات عربية فيها، ولكن ما جعلها ( تريند ) في منطقتنا هو طبيعة المهام الصحفية التي نفذها الصحفي الفرنسي للوصول إلى هذه الأسرار، وكيفية توثيقه لها وحماية نفسه ومصادره؟ ومقدار الحرية التي يتمتع بها ويكفلها له القانون من دون مضايقات أو اتهامات معلبة كما هو معتاد أن يواجها الصحفيون العرب عند محاولة كشف كواليس قضايا مشابهة.

لذلك نرى أنه من المناسب جداً لسياق الأحداث الجارية، أن نلقي الضوء على مفهوم الصحافة الاستقصائية وأهم أدواتها، من خلال شرح علمي ومهني، حيث تعد ألوان الاستقصاء الصحفي الآن، أحد أهم أشكال المحتوى في وسائل الإعلام الكبرى على مستوى العالم

الفوارق بين التحقيق الصحفي التقليدي والتحقيق الاستقصائي !

يعتبر التحقيق الصحفي أو التليفزيوني أحد أهم قوالب المحتوى الإعلامي بما يمتلكه من قوة في الطرح، المبني على أدلة مادية ومصداقية مدعومة بشهود الواقعة. وبما ينطوي عليه من إثارة وشغف، كونه يناقش إما قضية جديدة طازجة أو موضوع قديم معاد تدويره بزوايا معاصرة. بالإضافة إلى فاعليته العالية في معالجة الأحداث وتقديم حلول تساهم في تراكم خبرات القارئ أو المشاهد.

ويناقش التحقيق الصحفي أو التليفزيوني النمطي قضية محددة، بآلية معروفة وثابتة. تبدأ هذه العملية باختيار الموضوع وعرضه على خبراء متخصصين في هذا الشأن. ويقتصر دور الصحفي المهني فيه، على سرد آراء جميع الأطراف بحيادية وعدالة (مع أو ضد) ونشرها بصيغة وعناوين رئيسية احترافية تجذب المتابعين وتجبرهم على الإلمام الكامل بالمحتوى دون ملل.

مع الأخذ في الاعتبار أن للصحفي الحق المباح في اقحام قدر من ميوله في مقدمة وخاتمة التحقيق الصحفي أو في توجيه دفة النقاش (بالقدر المقبول) في الطريق الذي يخدم دوافعه من إجراء هذا التحقيق من الأساس.

إنما ما أود الإشارة إليه هنا ليس التحقيق النمطي المستخدم بالفعل بوتيرة جيدة وبسقف حرية معقول في صحفنا العربية. ما أريده هو إلقاء الضوء على القالب الأكثر جدية ونجاعة في تفعيل سلطة الصحافة التي ذكرتها في المقدمة !

 

إنه التحقيق الاستقصائي :

لُب التحقيق الاستقصائي لا يدور حول القضية مهما كان حجمها أو مدى إلحاحها على أجندة الأحداث إنه يبدأ وينتهي عند ( الضحية ) والضحية فقط  .

والضحية هنا قد تكون إنسان أو مؤسسة أو دولة أو حتى الكوكب ذاته ! وفي التحقيق الاستقصائي لا يقتصر دور الصحفي على النشر فقط، بل إن واجبه أن يكون مثل (الشرطي السري) الباحث عن الحقيقة لإنصاف الضحية، مطارداً للجاني من أجل تقديمه للعدالة القضائية إن أمكن ومن قبلها للعدالة المجتمعية !

ورُغم جسامة ونبل المهمة إلا إنه في النهاية مجرد صحفي بلا ضبطية قضائية وبلا حماية ( إلا من بعض القوانين المحترمة في الدول المتقدمة , وحتى الأخيرة لها سقف، مهما أدعوا العكس  )

وبعد أن يختار الصحفي الاستقصائي الضحية أو يقذف بها القدر في طريقه , بعدها سيقرر بضميره وإرادته الحرة ( وربما بتهوره ) المضي قدماً في رسم الخطة وجدولة المهام منطلقاً من , حتمية التثبت من هوية الضحية, وهل هي ضحية حقاً أم إنها إدعاء كاذب . 

توسيع دائرة الاستقصاء من مجرد حل مشكلة ( فرد ) لأن المسألة ليست شخصية وذلك بتحويل ماهية الضحية إلى ( عينة )

على سبيل المثال :

تناول ظاهرة التحرش في أماكن العمل.. وليس مشكلة سيدة واحدة بالاسم أو تتبع ظهور علامات مرضية غريبة نتيجة تدخين منتجات مستوردة أو مهربة من التبغ .

أو اقتحام عالم وكلاء اللاعبين وكشف هل تخضع جميع المعاملات والعمولات للفحص الضريبي ؟ أو مراجعة بروتوكول وزارة الرياضة في اعتماد الترقيات بالمديريات التابعة لها , وهل يوجد تحديث دوري للبيانات أم قد نجد أشخاص متوفين تم ترقيتهم ؟

أو البحث والتقصي حول الشركات الراعية لاتحاد كرة القدم ومصادر تمويلها وعلاقة الملاك بالاتحاد المنظم للمسابقات وبالقنوات الناقلة الحصرية للمباريات، وهل هناك جهات رسمية حكومية ضالعة في تسهيل أو توجيه هذه الأطراف؟ ومن الأمثلة على مواضيع التحقيقات الاستقصائية أيضاً محاولات تقصي كواليس لجان منح الجوائز العالمية أو حقوق البث الحصرية . أو آلية التصويت في اختيار الدول والكيانات المتسابقة على استضافة الأحداث الفاعليات الكبرى (كأس العالم لكرة القدم نموذج) وهكذا .  

ثم تأتي خُطوة تحليل العينات سواء في المعمل  ( وذلك في حالة المنتجات - وتقارير الأطباء حول الضحايا ) أو تحليل المعلومات المستخرجة من الاستبيانات الواردة من الضحايا والأطراف الفنية الأخرى المشتركون في التحقيق الاستقصائي .

وفي الأخير , اختيار توقيت النشر بعد استيفاء كافة الإجراءات والشروط قانونياً ومهنياً.

تحديات الصحافة الاستقصائية في وطنا العربي ؟

يجب أن نتجنب الخلط ونفرق هنا ما بين الصحفي الاستقصائي بوصفه الوظيفي السالف ذكره وبين فئة ( الباباراتزي )  الذي يطارد المشاهير للحصول على أسرارهم الشخصية وتصويرهم في مواقف محرجة بغرض الابتزاز أو النشر مقابل مبالغ مالية. فالأخير لا يعد صحفياً بالأساس ، وهو سلوك مرفوض تبعاً لمنظومة القيم الفطرية السليمة لاقتحامه أبسط مفهوم للخصوصية .

كما تجدر الإشارة هنا إلى إن الصحفي الاستقصائي في العالم العربي يعاني من عدم توفر مُناخ الحرية سواء الشخصية أو حرية الاطلاع على المعلومات وتداولها ، وذلك نظراً لوجود قوانين مكبلة ، ونظرة مجتمعية ثقافية متوجسة تجاه طبيعة عمل الصحفي الاستقصائي. مما يحد من قدرة أبناء السلطة الرابعة على القيام بواجباتهم تجاه قضايا وطنية وإنسانية ومجتمعية تخدم الصالح العام وتساهم في تحسين الوعي الجمعي وتطور حركة المجتمع بجعله شريك في المسؤولية وفاعل في رسم خريطة المستقبل .

كتب . ا/ مصطفي محمد 

خبير التحليل الرياضي 

 

 

 خـدمـة الـعـمـلاء : 201110566940+

الـتـسـجــيـل الالـيـكــتــرونــى :

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.

 

 

Information

P-Sport combines a world class education, an exclusive sport development program and life skills opportunities in a uniquely professional context.

Verified Certificate